السبت، 11 أبريل 2009

انطولوجيا أحمد عبدالزهرة الكعبي __ عدنان المقداد

انطولوجيا أحمد عبدالزهرة الكعبي



عدنان المقداد
الاكْتِفاءُ بالنص والإيمَانُ به

تعود أن يكون بعيدا عن نصوصه لغاية في نفسه أو لطريقة يبتكرها هو للتعريف عن هويته الشعرية رغم ذلك الظهور البارز الذي تلمحه بوجود شبه مضمور في سطوره لكن كتابته سيرة ذاتية غير معلنة ..هكذا أشعرتني نصوصه التي أستشهد ببعض مقاطعها هنا كباب من هذه الانطولوجيا ؛ من خلال كتابة يُراد منها الخوض في كتابة عدنان النص الشعري بعيداً عن الماضي الشعري الذي عرف بِأنه ينهل من تراث عميق الحضور والدلالة إسمه الشعر العربي .نصوص عدنان التي اطلعت عليها تظهر إهتمامه بـ الترصد للمشهد أي إنه يحاول دائـما أن يضع ملكته بكامل إبداعها في خوالج النص وشذراته إنه لايؤمن بالحلول التي يقدمها هو لذا تراه ينهل من مخيلته كل الأسئلة ولايراهن على أي جواب وهذا الاسلوب يتدرج من طريقة التكيف التي تعودها كإنسان شبه منقطع عن العوالم الأخرى وإن كان في ضجة مما يعيش .

ساقطاً من بلاد العنبْ ..

في جرار الذهبْ ،

وحده من يسمي الفضيحة ..

يسكبه المستريح ليغدوَ أبعدَ إشراقةً بالتعبْ !

فيكون دماً عالماً بالدماءِ،



عوالم النص ونوايا الشاعر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


وبما أن النص صيغة الكلام الأصلية التي تأتي من القائل والتي قد لاتحتمل الا معنى واحدا غير قابل للتأويل وكما لايقال لااجتهاد مع النص وبما أنه يمثل منتهى وأقصى الغاية كما عرفته المعاجم فالعملية ليست بالسهولة التي يعتقدها البعض إنك ترتب جملا إنشائية لتبني قلعة أدبية يراد منها الإشارة إلى باني هذه التراكمات بل هو مسؤولية كبرى تقع على عاتق مقترف هذا الأمر فموقع الكتابة بعد الكلام وكما في الأثر القديم قال البليغ الكلام صِفة المتكلم أي أنه يوغل في الكلمة ليخرجها ممشوقة تخرج من قوام الخيال لتحتك بالوجود . ومن باب أجدى إن النصوص الشعرية التي تركها عدنان حتى هذه اللحظة ماهي إلا مبارزة مع الواقع بطريقة الإحتجاج الدائم على طريقة التعايش الـلا سلمية

فاليومَ ، أجمع ، من براميل الظلالْ

خِرَقا ..

حتى أسمّيني ،

أمامي ،

واهباً ظلّي ،

لمن لمْ ينأَ من قومي ..

واهباً مائي ،

لمن يعلو كنهر السرو...!


الموسيقى التي يحتاجها أي نص تعتمد على مدى الرؤية التي يحملها الكاتب فكيف يوزع ألحانه المفردة لتبدو على شكل لوحة سوريالية تحتاج الكثير من التأمل وبذلك يثير شهوة القراءة عند المتلقي. عملية الدفاع عن ماهية النص تحتاج مقومات مؤثرة للدفاع عن صلاحيتها في الثبات أمام العين الناقدة التي قد لاترحم لمجرد وجود زلة لم ينتبه اليها الشاعر . والمراقب لنصوصه بصورة دقيقة يجد عنده تلك القابلية على مزج الموسيقى مع أدوات النص الأخرى حيت لاينتهي هو إلى القناعات التي تكتفي بالمعنى على حساب الفن وهي قابلية تستحق الوقوف عندها, لأن إقحام الموسيقى في النص قد يعتبر نوعا من الإنتحار الأدبي إذا خلت هذه العملية من صبغٍ كثيرة أولها الخلق الذي يتفرع إلى ما لانهاية من التعبيرات الجمالية .
لكن العتمة التي غطت حذري تصدق !

و القمر الذي توارى خلف أول غيمة عابرة ، يصدق !

و كائنات الليل التي أعلت أصواتها على خطواتي ، تصدق !

و الباب الذي هوى حجابه الحاجز ، عن أصابعي ، يصدق !



أنت لا تصدق أن المفاتيح في يديك ، مفاتيح قلاعي .
التركيب اللغوي الذي يقوم عليه أي نص وبما أن القاريء مشارك مهم في عملية خروج النص فالكتابة هنا لايمكن أن تكون أشبه بعملية الإفراغ كما يعتقد البعض فالحروف ودلالاتها وتنسيق الألفاظ يحتاج إلى عملية خلق وهنا يأتي دور الشاعر حيث يظهر قدرته في جعل الكتابة عبارة عن حرب داخلية الهدف منها تحرير الوعي من لزوجة التكرار وتعقيدات الأنا بشكل منسق غير قابل للشك وإن جابهت بعض نصوص الشاعر تلك الرغبة العالية في إظهار بعض الأمور الفنية ليثبت استطاعته على تفادي الخسائر الفكرية التي وقع مجايليه فيها ولكن الأمر ليس بالصورة التي قد يفرضها هو لأن القاريء مريض نفسي بحاجة إلى مايطابق أهواءه لا نوايا الشاعر الأمر الذي وجدته عند عدنان في بعض نصوصه التي حاول فيها إثارة النزعة الذاتية مبتعدا نوعا عن المتلقي ليقترب من هواجسه هو وروحه هو ولكن بطريقة الحفاظ على روح النص والاستمالة إليه

أنا ريشة العندليب ، على ساحة الزيزفون ..

خفيف كعقل المحارب /

أثقل من نأي عاشقةٍ ..

و السفرْ ،

وردتي ، في كتابي ..


أنا صيغة الماء ، في دفتر الجوز ،

قنطرة البدر ، فوق رؤوس الأيائلْ ..

قرأت أكفّ الثعالب ،

أوغلت في قدَر ابن آوى ،



لماذا النص ؟
ــــــــــــــــــــــــــ


اعترف الشاعر العراقي الزهاوي بأن القافية ذئب لابد من التخلص منه و للتعريف الزهاوي شاعر عراقي عاش في بدايات القرن الماضي . ياترى مانصنع نحن القابعون في بدايات القرن هذا ألسنا من المطالبين بضرورة الخروج بكتابة تحمل في طياتها جمالية الأدب بما يلامس شفافية الحاضر التي لايمكن للماضي جلبها في أي حال . والبعض رأى في النص الحديث عملية مجازفة كبيرة تمصلت من الوصاية من باب ان الشاعر القديم فرض على واقعه رؤياه فكيف لانفرض نحن على واقعنا ملامحنا الخاصة وطريقة تفكيرنا وهي على حد قول الشعراء المجددين عملية التخلص من الرق والعبودية لأنك من الصعب ان تجد شيئا ثابتا غير قابل للتأويل أو التغيير .
والنص حيث وجدته في كتابات الشاعر لايخلو من سيماء الشعر بل ويتقصد فيه ان تكن الايقاعات الداخلية ذات نسيقة تشعرك برهبة الشعر وجماله .. ولست هنا أنقد البناء الشعري عند الشاعر بقدر أن أضع هم هذه الكتابة في جانب النص فقط مما يحمل من متغيرات وثوابت تبدأ في الجمال ولاتنتهي بالقناعات التي يقدمها الخيال .
فالمقداد يتحدث بعض الأحيان بلغة فلسفية ربما يقصد منها ان تكون الأدوات المتعددة ذات إيلام كبير وطريق لعرض موهبة الناسج على أنه القادر على وضع المتلقي في الزاوية التي يرغب هو بها .. ولست ممن يؤمنون بالمفردات التقويمية التي تضع أي عمل رهن الجيد أو رهن السيء بقدر غنتمائي للقدرة التي تمتلكها المفردة التي تلعب دورا كبيرا في جعل المادة بين القبول واللا قبول .. فليس كل مقبول بناجح والعكس بالعكس .

كبوتُ ، أمامَ النّارِ ، أفتحُ رغباتي ، أضمّ غِواياتي ،

و يرجمني البازلتُ ، إن مَرّ في ساحاتِ أوهامي القتلى ..

أنا من حروفٍ ، و أكتبُ ، ما أرضى ، على فتنةِ الغيمِ ،

أسوّي فتاةً قربَ نافذةٍ تتلو صلاةً على الموتى / .. إذا انهار سقف الزُّرقةِ اختلط الموتى /

و أمّاً بلا حلمٍ ، و حلماً بلا طفلٍ ، و حقلاً غريبَ القمحِ ،

يجفوه الحمام إذا صلّى .


السِفـر والتـراكم
ــــــــــــــــــــــــــــــــ


لم أقرأ أية دراسة عن الشاعر عدنان المقداد بل ولم أبحث عن ذلك لأني قرأته من قبل كما الحال الآن كتابته ترتبط بما يسبقها من كتابات وحضوره بين جنبات أي عمل له يدعوك أن تبحث في مغزى أي نص ينجزه ومدى جديته وامانته للنص الذي ينقش فيه أرقه وأحلامه .
من الصعب ان يختار الكاتب قرينا له كي يضعه في مختبر ما من باب المقارنة .. ولكن من السهل أن تكتشف فيه المزايا التي يستحق أن تضعه فيها ,, والنص الذي اخترته مادة للكتابة هنا هو الذي مالفت انتباهي عنده , فما ان تترك نصا لعدنان حتى تشعر بتلك التركيبة التي اهتم بها هو متقصدا كي تخرج بهذا الشكل .
النص لديه يمحي عامل الزمن أو تراه متموجا بين الماضي والحاضر مستلهما روح الاشراق في الشعر الحديث بل أن وسائطه التي تنقل الأزمنة حيث يطابق مكانه الافتراضي يجعل النص ممشوقا وقابلا للتأويل الذي لايمكن أن ينافي تعريف النص الذي قيل بأنه غير قابل للتأويل وهي مسألة يطول شرجها الآن وقد تخرجنا من الموضوع برمته .
النص لديه لاينبلج في الغيهب الضبابي والميل للكتابة الطويلة لاتعني بالضرورة العدول عن فكرة التكثيف. لاأومن بوجود كتابة كاملة كما لاأومن بكتابة خالية من الأمراض ومن الصعب ان نضع كاتبا أو كاتبة لم يفكر أحد بتمويل إبداعهم تحت مجهر النقد الصارم بل ومن التجني أن يكون الحكم على نقطة معينة في كتابتهم على أنها نقطة كبرى يجب الانطلاق منها فكل الأسماء الكبيرة وان كانت مبدعة . لو تخلت عنها الأيدي المحركة لها لأصبحت في حال أتعس من حال الأدب العربي الآن وأنا جاد بهذا الطرح والدليل الركام الفاسد من الاصدارات الاخيرة لهذه الأسماء حيث ينضوي تحت العناوين الكبرى والمواضيع المكررة . الذي اعنيه هنا إن هناك طاقات تستحق الاحترام والايام كفيلة بكشفها هذا مااستشفيته من خلال التجول مع عدنان المقداد الذي يفيض على زائره بدماثة الأدب وقدرة على استيعاب المتلقي .

أمدّ الرّهان، على ساحل البوح ، رملاً ..

أقول لرأس السنة :

" ما الذي فعلتْ بنوايا السماءتفاصيل

ما أجملتْ هذه الأزمنة ؟"

ثمة من خاف من كلمة .

ثمة منظن أنّ له مقتلاً خلف باب القصيدة !

كم نمدّ حبال الكلام إلى من يرى ، فيالكلام، كمينا ً،

و نسكن في لغة الظلّ حتى نسمي النوايا بأسمائها،


22-10-2007

ليست هناك تعليقات: