الثلاثاء، 13 مايو 2008

مذابــح شارع المتنــبي



مذابــح شارع المتنــبي





13-7- في أواخر التسعينات
الساعة الثالثة ظهرا
في درجة حرارة لايمكن قياسها


كان علي أن ألتقي بشارع المتنبي بائعا هذه المـرة , بعد أن كانت الجـُمُعات تنثرني على عتباته حيث تلك الكتب وصوت أبي ربيع (المخشرخش) , غمرني شعور مخيف بالخيبة وأنا أقلب تلك الروايات التي أفنيت أعواما في سبيل الحصول عليها .. من يشتــري كتبي , من يشتريني

أنا الهـارب من بلاد الحاكم
وتارك الماء يدور بلا نهر
أنا أبن الزينبات العطاشى


وكتبي أنثرها تحت أقدامهم , تحت أعين (( إلي يسوى ولي ما يسوى خرب صـ...... )) هكذا كنت أقول في داخلي , تقرب الأول أراد كتاب الحكمة قلت له 25 الف حبيبي ابتسم قائلا ألم تشتريه مني بـ 40 ألف قلت لم يعد للفرق فرق .. ابتسم وهو يدفع لي 20 ألف أخذتها بسرعة لص جديد على المهنة !!

لكم الحكمة الآن ها أنا اهرب
أهرب
أهرب
و23454 رقم لاتعرفوه
لو عرفتم لمتم الـآن


آآآآه هو رقم السيارة التي ستأخذني بعيدا عن بلادي (( جملـة سرقتها من فم معتوه التقيته هاذيا بالشعـِر والثـورة على كل شيء حتى على قطة بيتهم التي يعاملها أهله بمنتهى القسوة لأنها تراقب افواههم دائــما )) ..
الأشجار واغتيال مرزوق , ذات مرة قال لي جلال بانها أهم رواية في الأدب العربي وكنت أقول له ان منيف لم يكتب سوى النهايات والباقي أفلام كارتون فقال لي حتى شرق المتوسط قلت له شرق المتوسط حكاية قلب تحول الى شعب فقتلوه .. أي ليست رواية بل هي إنجيل المثقفين العراقيين .

لما تركوه أهله .. نسوا الدار
كان الكلب هناك
أرضعه حتى كبـر
كبر الاثنان الكلب والمواطن
هذه النهايات


يااااااااااااااااااااااه أبيع المنهاج المركزي لحزبنا الرائع حزب الحفاة الوطني الذي كونه مظفر النواب بعد هروبه من السجن مقنعا أيانا بان المرحلة القادمة يجب أن لاينتمي فيها المـرء إلى حزب قديم أكل الزمن وشرب على أفكاره قال حزبنا فيه المصلون والملحدون أخوة .. ففرحنا لأن النواب كان بعيدا عنا ونحن نسرق الشمع كي يقرأ علينا أناشيد الحزن الدائمة ..

كانوا يأكلون على الرصيف
زهرة برية
وجدوها أعلى جبهاتهم
أكلوها وهي تنزف عطر جباههم
كانوا كتبا وكانت ورقة


الوطن يسجل الملاحم الفارغـة بعد موت أولاده الســُراق
نحن يا وطني المعبأ للتصدير نكره الثورات كما نكره الدكتاتور ,, نكره الصبر كما نكره الموت .. متلونون كأخبارك كهذه الأوراق الممدة على رصيف المتنبي الملوث بغباء الاخشيدي كنت ألمحه هذا الكافور وهو يأكل فلسفتنا بشراهــة قلت له أتغتالونه ثانية أيها الأوغاد .. أتقتلونه ثانيــة نكاية بحرية الروح التي تحملـه ..

موتى الاخشيدي نحن ورماد القاهرة
وتمــوز بغداد الهجين بين الحرية الطغيان
كنت أقول له لاتتملق أبا المحسد (( لَــك الدنيا ماتســوى )) .. احذر النفاق .. لاتنافق لاتنافق لاتنافق لاتنافق ... حتى مات من حزنه على بيت قاله ذات مروءة على كتفي المضمخ والملطخ والغريق بدم هذا الشعب المــُحيـر !!!
لم يتبق مني شيء .. نزعت نعلي ورحت أمشي حافيا أقضم خبزة بقيت على اولة المطعم المتسخ الذي يبيع كبـة لي ولـ سلام جبار الرسام الذي هرب الى هولندا بحثا عن لوحة تمناها فأخبرني وأنا أكلمه قبل شهور بانه تزوج وأنجب وهو الآن يشتري الحفاظات لطفله الصغير الذي يرسم الحنين ببولـه الخالي من النجاسات قلت له مـه فضحك بصوته الذي احبه اكثر من اي نشيد وطني لأي دولة حـُرة .
وراحت مكتبتي الكبيرة تتهاوى كجبل يلتهمه المغــول بطيبة الفتك التي يحملونها !!

حافيا دخلت الرشيدَ ..
حافيا كما جئت ذات نهار مرفقا بدمعة
حافيا أيها الوطني الغنــي


دخلت أم مقهى أم كلثوم كان غازي نائــما .. لما فتح عينه ابتسم قال مكلف أن تفارق الشوارع بهذا الكم الهائل من الكتب الممنوعة .. ابتسمت قلت له (( الشعب عاوز كده ))
فقال - إذن تـحفى لأجلـهم
خرجنا ولم نخرج من هناك .. ظل رائحة الصـفرة التي تندمج في أوراقها في جوفي تثور فـتخمدها رغبــة الهروب من جمعـة المتنبي قسرا .

ليست هناك تعليقات: